الاثنين، 24 أغسطس 2015

                                 "نحو و صرف"

الخالق      :   اسم فاعل 

والمخلوق  :   اسم مفعول 

ولكن 

المعبود     :   اسم مفعول 

والعابد      :   اسم فاعل 

فكيف تنقلب الموازين بهذه الصورة !

الحل الوحيد كى لاتنقلب منك الموازين ، هو فى أن تعرف العبادة الحقيقية ، التى هى علاقة حب تفاعلية بين حبيبين ؛ يقول الفاعل فيها : "لذاتى فى بنى آدم" ، ويقول الفاعل الثانى : "ثمرتك حلوة لحلقى" 

وذلك حيث أن ؛

المحب      :   اسم فاعل

والمحبوب  :   اسم مفعول

ومن خلال العلاقة التفاعلية "التبادلية" ؛ يتعلم المفعول به الأساسى بعض الفعل ، ولا يفقد الفاعل المطلق مكانته كفاعل أساسى منذ البدء


إن الله الخالق والفاعل المطلق جل فى علاه يريد أن يدربنا على الفعل ، كما يدرب النسر فراخه على الطيران وهو فى الوقت نفسه الحارس المتيقظ لها ، يدرأ عنها السقوط ، ولكن كم تكون فراخ النسر ممتنة  له حين يكتمل تعلمها الطيران

وهناك فاعل مطلق فى الكون هو الله سبحانه وتعالى ، وهناك مفعول به مطلق ليس هو الإنسان ولا حتى الكائنات الحية ؛ إذ لها إمكانية التفاعل وتبادل الفعل فى حدود تلك الإمكانيات ؛ إنما المفعول به المطلق هوالجماد (الجمادات)

المشكلة لدى الكثيرين هى أنهم لم يعتادوا الفعل إلا مع جماد ، أو مفعول به ميت ، ولم يتدربوا على غير ذلك "لا فكريا ، ولا نفسيا ، ولا روحيا" .
فالميت يحملونه إلى مثواه،فيكون هو محمولا "أى مفعول به" ، وهم حاملون له أى فاعلون فى هذه الحالة فقط
حتى أنهم من فرط ذلك يتصورون أن الآخر هو دائما الفاعل والمتآمر عليهم ، وهم دائما "المفعول بهم" والمعرضون أو الخاضعون للمؤامرات !

أما المفعول به المطلق وهو الجماد ، فهو مثل الخشب أو الحجر ، فأنت قد تنقشه ، فيصير منقوشا "أى مفعولا به" ، وقد تنحته فيصير منحوتا "مفعولا به أيضا" ، وقد تشكله تمثالا ، وقد تصنع به ماهو أسوأ والعياذ بالله ، إلا أنه فى جميع الأحوال هو "مفعول به"

خلاصة كل هذا هى أن الفاعل المطلق فى الكون لايمكن أن ينقلب مفعولا به مطلق ، أو أن يكون هذا هو دوره التالى بعد الفعل ، أو حتى أن يكون هذا هو هدفه الوحيد أو الجوهرى من الفعل . 
إذ أنه لو انقلب الفاعل المطلق فى الكون ، إلى مفعول به مطلق  لأنهار الكون حينئذ.

الأحد، 8 مارس 2015

                                 "قايين وهابيل"
                           "أبعاد أو أعماق إضافية"
فى قصة قايين وهابيل نستطيع أن ندخل إلى أعماق إضافيه قد ينتفع البعض بالتأمل فيها ، وإن كان هذا لا يتعارض مع الأبعاد أو الأعماق الآخرى التى تطرق إليها آخرون ، فنحن دائما نستطيع أن ندخل إلى أعماق جديدة ، ونحظى بتأملات متجددة ؛ نسبر فيها أعماقا ، ربما لم يتطرق إليها من سبقنا (وأقول ربما) ؛ فالروح القدس يفحص كل شئ حتى أعماق الله ، وهو بالطبع يقودنا فى رحلة ممتعة إذا كنا منقادين به .

فلنتخيل الآن الصورة ؛
لقد كان آدم قبل ولادة ابنيه "قايين وهابيل" يقوم بالعملين معا(الرعى والزراعة) ؛ فهو يعمل الأرض بزرعها كما أوصاه الله قائلا :"بعرق وجهك تأكل خبزك" ، ورغم أن أكل اللحوم لم يكن قد عرف بعد ، إلا أن آدم حرص أيضا على قنى الأغنام برعايتها (دون سائر الحيوانات الآخرى) ، وذلك لما لمسه وتعلمه من العمل الإلهى حين صنع الله لهما (آدم و حواء) أقمصة من جلد ؛ فعرف بالضرورة احتياجه لإقتناء ورعاية هذه الحيوانات المسالمة كالأغنام والأبقار، حيث أن الأرض خارج الجنة كانت قفرا ، واحتاجت هذه الحيوانات لمن يقودها إلى المراعى والغذاء . 
فلما ولد قايين ، رتب آدم أن يسلمه شق العمل الذى ظن أنه الأكثر لزوما وأهمية لمعيشته ألا وهو الزراعة التى كانت المصدر شبه الوحيد للغذاء اللازم للمعيشة الإنسانية ، وأقول شبه الوحيد لأنهم ربما استعانوا بألبان الأغنام والأبقار كغذاء جانبى مساعد لمنتجات الزراعة التى هى الأكثر تعددا وتنوعا من مجرد الألبان .
ولكن حينما ولد هابيل ، لم يجد آدم أمامه إلا أن يسلمه الشق الآخر من العمل (الذى كان الظن لديهم أنه الأقل أهمية للمعيشة) ، ولم يعترض هابيل على أبيه بضعف الإحتياج لعمله فى توفير لوازم المعيشة التى كانت شبه محصورة فى الغذاء ، ولم يكن الإحتياج لقميص من جلد إلا مرة واحدة تقريبا  طوال عشرات السنوات ، والألبان أيضا ليس عليها الطلب الكافى ليستطيع هابيل مقايضة أخيه بها كإنتاج له فى سبيل الحصول على منتجات أخيه المتعددة للغذاء .
وهكذا يبدو أن قايين كان يفتخر متعاظما بمنتجاته على أخيه  ، وصار يعظم من قيمة منتجاته المتعددة والمطلوبة بشدة للغذاء اللازم للمعيشة على حساب منتج أخيه شبه الوحيد فى الإستعمال كغذاء .
ولكن بمعرفتهما بقصة أبويهما مع الله ؛ 
ظهر الإحتياج لمنتج هابيل فى تقديم القرابين لله ، الأمر الذى كان يعد إنصافا ولو صغيرا لهابيل وقيمة مردود عمله .
وهوأيضا الأمر الذى أزعج قايين فى تعسفه ورغبته أن يبقى هو وحده الكبير ، وأن يبقى أخيه صغيرا ، ومنتجاته غير مطلوبة .
فما كان منه إلا أن أصر على أن يقدم القربان لله من منتجه هو متحديا  ما تسلمه من أبويه ، وذلك لأنه ربما رأى أن المقايضة حين تقتصرعلى مجرد منتج أخيه وهو اللبن فإنها لاتتجاوز بضعة ثمار من إنتاج أرضه ، لكنه فى حالة طلبه المقايضة على خروف كامل (وهو يعد مصدرا لإنتاج) ، سيكون عليه أن يمنح أخيه الإنتاج الكامل لقطعة معينة من أرضه ، طوال المدة التى كانوا يعرفونها لعمر الحيوان فى ذلك الوقت ، وهو ما يعد تعظيما لقيمة منتج أخيه التبادلية ...
وهكذا دخل فى عناد مع أبويه ضد نصيحتهما له فيما يختص بما هو القربان الأحسن فى التقديم لله ، وهذا يتضح من قول الله له بعد أن نفذ رأيه المعاند ألا وهو : "إن أحسنت،أفلا رفع.."

وهكذا أيضا نرى سببا آخر من الأسباب التى تجرفنا تدريجيا إلى الخطأ والخطية ؛ ألا وهو الجشع من ناحية ،
ومن ناحية آخرى الرغبة فى إظهار عدم الأحتياج للآخر أو الآخرين كما يحتاجون هم .


والحقيقة أننا كلنا أعضاء بعضنا لبعض ، وليس عضوا أهم من عضو ، أو أكثر قيمة منه ؛

فلا تستطيع العين أن تستغنى عن اليد التى توفر لها قطرة الدواء ، ولا تستطيع اليد أن تستغنى عن العين حين ترغب فى الإمساك بالأشياء .
فإذا كنت بارعا فى إلقاء الخطب ، فأخى قد يكون بارعا فى تنظيم المؤتمرات ، كما قد أكون أنا بارعا فى عمل الرحلات ، وتوفير المواصلات وهو بارع فى الإرشاد والنصح

فيا صديقى ..
نحن صنوان يسيران معا ..............................أنا فى حضنك،مل أيضا لحضنى

ولعل هذا البيت من الشعر يمثل صوت "هابيل" ، الذى وإن مات يتكلم بعد