الجمعة، 7 نوفمبر 2014

هلم نبنى
لا تقل فى نفسك يوما ، إنى لمنصف هذا الأنسان أو ذاك .. من نفسه ، فهذا جهل وغباء .
بل انصفه من نفسك،واتركه لنفسه،فهو أدرى بها،والله قد وهب نفسه له وحده،كما وهب لك نفسا،وهو(أى الله)يتعامل معه من خلالها(أى من خلال نفسه)،والله غيور على كل نفس بشريه؛فلاتتداخل أنت فتعاقب .
ولكن إن لجأ ذلك الإنسان إليك يستشيرك ويسترشد برأيك ، فأرشده بما يعلنه الحق داخلك؛فقد قاده الله إليك .
فإن هو لجأ إليك يطلب معونتك فى أمر،فأعنه حسب رؤيته وإرادته لنفسه ، وإلا.. فأمتنع ،
نعم .. امتنع،ولكن مع الأخذ فى الإعتبار أنه إن كان طلبه لايخالف مشيئة الله؛فإنك ستؤاخذ أمام الله لرفضك تقديم المعونه فى حينه.

.. وفى كل حين اعتنى فقط بأن تعلن الحق وتكشف الباطل وكفى،
دون تداخل ؛ فهذا مايريده الله منك،وما يريده أن يصير على وجه الأرض .
ولكن انظرألا تنخدع بالأهواء الذاتيه التى تميل دوما إلى الأنتفاخ (ولو فى خفية منك) ؛ حتى تفسر على هوى ذاتك القول بإحتمال الأقوياء للضعفاء (وهو الوارد لدينا) ، غير ملاحظ ومنتبه إلى أنهم (أى الأقوياء) إنما هم يحتملون"من يتصورون أنهم ضعفاء" بعدم إعثارهم فيما استحسنوه وأرتضوه بضمائرهم النقيه لأنفسهم بعد ماعرفوا الحق والتصقوا به،وثبتوا فيه كما قسم الله لكل واحد  دور وعمل .

فإنتبه فى مراعاة ذلك دون أى محاوله منك للتداخل ، متأثرا بوهم أو افتراض أمتلاكك لمستوى أعلى من الذكاء(أوالحكمه) أو سعة المعرفه أوالعلم اللاهوتى،أو قوة الإيمان ،الـتى(فى نظرك) تمكنك من تولى قيادة تلك النفس نيابة عن الله خالقها .
فإن كنت تظن أن لك حكمه أو قوة ايمان .. فلتكن لك فى قيادة نفسك إلى بر الأمان .
"ومن يظن أنه قائم فلينظرأن لايسقط"

السبت، 12 أبريل 2014

دلالات الإتجاه عند العباده وعند التوجه برفع القلب إلى الله
هل هناك فوارق بين الإتجاه إلى الله ناظرين إلى الشرق؟ أو إلى الغرب؟  أو الشمال أو الجنوب ؟ أم نحو بقعة بعينها على سطح الأرض نفسها ؟!
بادئ ذى بدء ، فقد كان لى تأمل (إبان غضاضتى وصبوتى الأولى) قصدت به إدراك شيئا من مغزى الإتجاه إلى الشرق عند رفع القلب إلى الله  ؛
فلقد رأيت آنذاك ، أن فى النظر بإتجاه واحد لجميع المصلين على سطح الأرض ، يعنى أن نظرتهم تلتقى عند مالانهايه ، حيث الله اللانهائى ، وهو مايعنى أيضا أن نظرتهم لغير المحدود لايمكن أن تلتقى فى مجرد بقعه محدوده على سطح الأرض ههنا ، فنكون قد حددنا الله الغير محدود بحدود بقعة على سطح الأرض مهما يكون اتساعها فهى محدوده .

ولكنى اكتشفت (منذ وقت ليس ببعيد) أبعادا آخرى بالإضافه لما سبق ...
فلقد تنبهت أيضا إلى أن حركة دوران الأرض حول نفسها ؛ هى أيضا إلى اتجاه الشرق، ولذا فإن كل ما يصادفنا من أجرام سماويه ، يهل علينا أولا من جهة الشرق ، وبالطبع ليست حركة دوران الأرض حول نفسها هى الحركه الكونيه الوحيده ، فهناك حركات آخرى فى اتجاهات مخالفه ومتعدده ، ولكن المتحرك الأول بنا كمخلوقات على سطح الأرض ، هو تلك الحركه الدورانيه ، وبالطبع أيضا هناك حركه تقدميه للتقدم فى الدوران حول الشمس نفسها ، ولكنها لاتعنينى من حيث أننى غير منفصل عن الحركه الأولى للسطح الذى يحملنى ، وهى الأسبق فى تأثيرها على ، فلو كنت منفصل عن حركة دوران الأرض حول نفسها ، وتابعا لها فقط فى اتجاهها للتقدم فى الدوران حول الشمس ؛ لكنت أبقى حينئذ فى جانب واحد فإما يكون ليل دائم أو نهار دائم .

وهكذا يتبين لنا ؛ أننا فى بقائنا على هذه الأرض وكأننا نجلس فى قطار ،أو حافله ، أو طائرة ، أو حتى سياره متحركه ، فإن معظمنا لايرتاح إلا فى أن يكون مقعده فى اتجاه حركة الحافله أو القطار أو الطائره بحيث يكون وجهه متجها لما هو آت وليس العكس (بالطبع لايعنينى هنا الحالات الإستثنائيه ، انما أتكلم عن الحاله العامه للإرتياح الإنسانى بصفه عامه).........


وهكذا يتبين لنا أيضا و بمنتهى الجلاء ، سبب دعوة الله والمسيح لنا بالنظر نحو الشرق قائلا لنا:
"وإلى الشرق انظروا.. "

على أنه ليس اتجاها حرفيا متزمتا ، بل هو اتجاه روحى وقلبى ؛ بالإتجاه بقلوبنا وأرواحنا لما هو آت ، وليس بالبقاء آسرى ماقد مضى ..
إنه اتجاه نحو غايه ساميه سبق الله فأعدها لنا نحن محبوه وملتمسوه ، وطالبو وجهه ، ولم يعدها لإولئك الذين يطلبون الأمور الأرضيه ، ويتمسكون بما على الأرض من أمور جسديه، وهو مايعد جل همهم ، حتى أنهم يتوقعون أن ما هو آت لابد أن يكون مملوء بإفراط مذهل بالمتع الأرضيه الحسيه . 
وهم مغرر بهم فى خيالات مريضه عن أمور مبالغ فيها إلى حد السقم من حيث حيوانيتها وإمعانها فى الأرضيات مما هو إلى زوال ولكنهم لايفيقون منها ، حال كونهم غير مكتفين إطلاقا إزاء وجودهم على الأرض وبقاؤهم فى مؤخرة القطار ناظرين إلى ماقد عبر ويمضى فلا يعود .

ولأن كتابنا المقدس ملئ بالدعوه للإتجاه القلبى والروحى إلى ماهو آت وليس ماقد مضى 
، فأنا أسوق هنا مجرد أمثله لأولئك الجالسين فى مؤخرة القطار ؛
فليس لهم هنا تشبيه أبلغ من حالة امرأة لوط (تك 26:19) ، التى رجعت بقلبها فإشتهت ما فى سدوم وعموره ، غير متخلية فى قلبها عما يأمرها ملاك الله بتركه ورائهم .
بل إننى حتى فى قصة قايين وهابيل ، أرى أن قايين فى تقدمته وقربانه مازال يذكر فواكه وثمار الأرض ، لكون ذاكرته متعلقة بما سبق ونهى عنه أبويه ، وليس بالعلاج الذى قدمه لهما الله ، والذى يحمل الرجاء فى افتقاد قادم من الله للبشرية كلها .

وأيضا فى رجوع بنى اسرائيل بقلوبهم إلى مصر"بيت العبوديه" ، وعدم اتجاههم القلبى إلى ماهو آت حيث أرض الحريه التى وعدهم بها الله ، ففى هذا الرجوع تشبيه بليغ لأولئك الجالسين فى مؤخرة القطار ، ووجوههم نحو الأرض(والأرضيات) التى هم تاركوها ،شاؤوا أم  أبوا 

على أنه فى العهد الجديد هناك نجد منتهى الوضوح والجلاء لهذا الإتجاه القلبى ، فى قول المسيح : "ليس أحد يضع يده على المحراث ، وينظر إلى الوراء يصلح لملكوت الله "(لو62:9) 
وكذلك قول بولس الرسول بالروح القدس فى رسالته لأهل فيلبى بالإصحاح الثالث العدد 13 و 14 : " أيها الأخوه انا لست أحسب نفسى إنى قد أدركت ، ولكنى أفعل شيئا واحدا اذ أنسى ماهو وراء وأمتد إلى ماهو قدام ، أسعى نحو الغرض لأجل مكافأة دعوة الله العليا فى المسيح يسوع " 

إذن يا أحبائى ليكن لنا هذا الإتجاه الروحى ، والقلبى فى عبادتنا وصلواتنا ، متذكرين كل حين أنه اتجاه قلبى وروحى ، وليس اتجاها حرفيا بعينه .